Rabu, 31 Januari 2018

ترتيب القرآن



البحث في ترتيب القرآن
المقدمة
الحمد لله الذي جعل القرآن آية باهرة، وحجة ظاهرة، تتحدى الإنس والجن أن يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا، والصلاة والسلام على سيدنا محمد مبلغ الرسالة الأمين، والمبعوث رحمة للعالمين بشيرا ونذيرا.
فإن القرآن الكريم كان ولايزال عبر تاريخ هذه الأمة كتابها الخالد ودستورها الفريد، منه تستمد أخلاقها وتشريعها، وفيه تجد طمأنينتها وملاذها، وبفضله ازدهرت علومها ومعارفها، فتكونت علوم اللغة العربية بكافة فروعها، وقامت على أساسه علوم القرآن بكل فنونها، ونما فيه أحضانه علم الأصول والفقه وغيرها.
إن عظمة القرآن وخلوده، تتجلى أساسا في بيانه المعجز وإعجازه البين، اختلف العلماء في ترتيب السور، هل هو بتوقيف من النبي -صلى الله عليه وسلم- أو باجتهاد من الصحابة؟ بعد الإجماع على أن ترتيب الآيات توقيفي، والقطع بذلك.
فمن هذه المقالة أراد الباحثة على بحث عن ترتيب سور القرآن الذي تكون فيه إختلافات الكثيرة بين العلماء، وتكون حجة للمستشرقون على أن تكون ترتيب سور القرآن ليس توقيفا بل من عند الرسول بنفسه، ففي هذه المقالة أراد الباحثة على الجواب عن قول المستشرقون حول القرآن.

أ‌.              موقف المستشرقين في ترتيب القرآن
1.          رأي جون جليكرايست John Gilchrist[1] في ترتيب القرآن
يقول جلكرايست : (زيادة على هذا لم تصلنا لا من محمد ولا من أصحابه أية معلومات عن الترتيب الزمني للفقرات حيث أنه حين بدءفي جمعها على شكل سور لم يؤخد بعين الإعتبار لا الموضوع ولا التسلسل من حيث النزول كل العلماء المسلمون يقرون بأن جل السور وعلى الخصوص الطويلة منها هي خليط من المقاطع التي ليست بالضرورة متصلة ببعضها البعض حسب التسلسل الزمني. مع مرور الوقت أصبح محمد يقول لكُتَّابه : "ضعوا أية كذا في موضع كذا" (السيوطيالإتقان في علوم القرآن م ١ ص ١٣٥ ) و هكذا أصبحت تضاف إلى الأجزاء التي كانت مجموعة أنذاك مقاطع أخرى إلى أن تصبح سورة مكتملة. [2]
. وهو يدعي أن سور القرآن الكريم هي مجموعة من الأجزاء لايجمع بينها رابط معين ويقول إن كل العلماء يقرون بأن السور الطوال هي خليط من المقاطع التي ليست بالضروروة متصلة ببعضها.[3]
 وادعى جلكرايست أن النبي صلى الله عليه وسلم عرضة لنسيان نعض أجزاء القرآن مستدلا بالحديث "حدثنا موسى يعني ابن إسمعيل حدثنا حماد عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة رضي اللهم عنها أن رجلا قام من الليل فقرأ فرفع صوته بالقرآن فلما أصبح قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم يرحم الله فلانا كائن من آية أذكرنيها الليلة كنت قد أسقطتها" .[4]
2.          رأي تيودور نولدكه في ترتيب القرآن
يرى نولدكه ضرورة ترتيب القرآن وفق ترتيب النزول، وقام بمحاولة في هذا الصدد معتمدا في ذلك على كتاب أبي القاسم عمر بن محمد بن عبد الكافي من رجال القرن الخامس.[5] فدعا إلى إعادة ترتيب القرآن وفق أسباب نزوله تيسيراً للقارئ، وإعانة له على فهم المعنى. [6]
 فقام بمحاولة في هذا الصدد، واعتمد محاولته في الجانب الأول على النقل والروايات التاريخية، والكتب التي تتناول موضوع أسباب النزول. وتقوم في جانبها الثاني على العقل من طريق النظر في الأسلوب القرآني، وخصوصيات الألفاظ والعبارات الواردة في القرآن الكريم، والقواعد التي داء بها الوحي طبقا لتطور الرسالة وموقف النبي من اليهودية والمسيحية والوثنية العربية.[7]
فقسم نولدكه ترتيب القرآن إلى المكي والمدني ، من حيث قسم المكي إلى ثلاثة فترات، وسور المدنية في فترة واحدة كاملة، وذكر خصاصها :
فخصائص الفترة المكية الأولى :
-              الكلام فيها عظيم مفعم بالصور الصارخة والزاخرة بالقوة
-              كلمات القسم التي تكثر في هذه الفترة دون سواها
-              السور القصيرة في الأعم الأغلب
-                   هجمات النبي صلى الله عليه وسلم على خصومه لها تأثير كثير في سور هذه الفترة
فخصائص الفترة المكية الثالثة :
-              فاللغة تصبح مطنبة، واهية، نثرية والتكرار فيها لا تكون نهاية
-              بعض السور فيها طويل جدا
-              توجيه الخطاب القرآني بعبارة (ياأيها الناس)
أما خصائص الفترة المكية الثانية، فهي مزيج من خصائص المرحلتين الأولى والثالثة، مع اختلافها عنهما في الشدة والضعف، بمعنى أنها تحتوي خصائص كلتا الفترتين، ولكن على نحو أضعف.
خصائص الحقبة المدنية:
-              خلوها من التعاليم العقائدية والأخلاقية إلا فيما ندر.
-              ظهور النبي فيها بوصفه قائدًا ومشرعًا.
-              توجيه الخطاب القرآني بعبارة (يا أيها الذين آمنوا).
-               تميز سور هذه الحقبة بكونها الأطول على الإطلاق.[8]

ب‌.نقد موقف المستشرقين من ترتيب القرآن
1.   قول محمد رشيد رضا في إعجاز ترتيب سور القرآن
قال محمد رشيد رضا إن ترتيب القرآن من غير تنسق يدل على إعجاز القرآن.فلو أن كل ما ذكر وما لم يذكر من مقاصد القرآن التى أراد الله بها إصلاح شئون البشر جمع كل نوع منها وحده كترتيب أسفار التوراة التاريخى التى لا يعلم أحد مرتبها، أو كتب العلم والفقه والقوانين؛ لفقد القرآن بذلك أعظم مزايا هدايته المقصودة بالقصد الأول من التشريع وحكمة التنزيل، وهو التعبّد به واستفادة كل حافظ للكثير أو للقليل من سوره- حتى القصيرة منها- كثيرا من مسائل الإيمان والفضائل والأحكام والحكم المثبتة فى جميع السور، لأنّ السورة الواحدة لا تحوى فى هذا الترتيب المفروض إلا مقصدا واحدا من تلك المقاصد، وقد يكون أحكام الطّلاق أو الحيض. فمن لم يحفظ إلا سورة طويلة فى موضوع واحد يتعبّد بها وحدها، فلا شكّ أنه يملّها.
وأما سورة المنزلة بهذا الأسلوب الغريب، والنظم العجيب، فقد يكون فى الآية الواحدة الطويلة والسورة الواحدة القصيرة، عدة ألوان من الهداية وإن كانت فى موضوع واحد فترى فى سورتى الفيل وقريش على قصرهما ذكر مسألتين تاريخيتين قد جعلتا حجة على مشركى قريش فيما يجب عليهم من توحيد الله وعبادته، بما منّ عليهم بعنايته بحفظ البيت الحرام وأمنه وهو مناط عزّهم وفخرهم وشرفهم، ومعقل حياتهم. ومحبى تجارتهم ورزقهم.
قلت: إنّ القرآن لو أنزل بأساليب الكتب المألوفة المعهودة وترتيبها لفقد أعظم مزايا هدايته المقصودة بالقصد الأول. وأقول أيضا: إنه لو أنزل هكذا لفقد بهذا الترتيب أخص مرات إعجازه المقصود بالدرجة الثانية [9].
2.   قول محمد عبد الله دراز في إعجاز ترتيب سور القرآن
إن ترتيب القرآن في وضعه الحالي يبلبل الأفكار ويضيع الفائدة المطلوبة من نزول القرآن؛ لأنه يخالف منهج التدرج التشريعي الذي روعي في النزول، ويفسد نظام التسلسل الطبيعي للفكرة؛ لأن القارئ إذا تنقل من سورة مكية إلى سورة مدنية، اصطدم صدمة عنيفة، وانتقل بدون تمهيدٍ إلى جوٍّ غريب عن الجو الذي كان فيه.
وكانت الآية الكبرى في أمر هذا التأليف القرآني، أنه كان يتم في كل نجم فور نزوله، فكان يوضع هذا النجم توا في سورة ما، وفي مكان ما من تلك السورة، وكذلك كان يفعل بسائر النجوم، فتفرق فور نزولها على السور؛ مما يدل قطعًا على أنه كانت هناك خطة مرسومة، ونظام سابق محدود، لا لكل سورة وحدها، بل لمجموعة السور كلها، وهذا وحده - لو تأملناه - من أعظم الأدلة البرهانية على أن القرآن ليس من صُنع هذا البشر الذي لا يدري ما يكون في الغد، فضلا عن أن يعلم ما ستأتي به الحوادث في مجرى حياته كلها، فضلا عن أن يعرف النظام الذي سيجيء عليه البيان في شأن هذه الحوادث ليهيئ له مكانه قبل مجيئه، فضلا عن أن يعلم أنه سيعيش حتى تأخذ كل صورة وضعها الكامل، ويأخذ القرآن نظامه الشامل، وحتى يكون انتقاله إلى الرفيق الأعلى عقب إعلانه بأن مهمته قد انتهت، هكذا يدل كل شيء على أن عناية الله الذي خلق فسوى، والذي قدر فهدى، كانت هي التي تهيمن على تنزيل هذه النجوم القرآنية، وعلى ترتيبها حتى بلغت تمامها، وأن هذا الترتيب المكاني المستقل عن ترتيبها الزماني، قد كان مقصودا لحكمة البتة، عرف هذه الحكمة من عرفها، وجهلها من جهلها.
موقع سورة الفاتحة من القرآن كله موقع الفهرس الذي يعرض بإِيجاز محتويات الكتاب قبل الدخول في تفصيله، فكل شيء في القرآن من الإلهيات، والنبوات، والمعاد، والأعمال، والأخلاق، وعبر التاريخ، قد وضعت مفاتيحه في هذه الكلمات القليلة بأسلوب لا يبدو عليه طابع العد والسرد، وإنما هو ماء الحياة ينساب في جداوله غذاءً للعقول والأرواح، فلا يمل ولا يخلق على كثرة الترداد.[10]
3.          قول العلماء في خلاف توقيفية ترتيب سور القرآن
إن الرأي الراجح في اختلاف ترتيب سور القرآن هو أن ترتيب السور توقيفي كترتيب الآيات. قال أبو بكر بن الأنباري: "أنزل الله القرآن كله إلى سماء الدنيا، ثم فرَّقه في بضع وعشرين، فكانت السورة تنزل لأمر يحدث، والآية جوابًا لمستخبِر، ويوقف جبريل النبي -صلى الله عليه وسلم- على موضع الآية والسورة، فاتساق السور كاتساق الآيات والحروف كله عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فمن قدَّم سورة أو أخرها فقد أفسد نظم القرآن" وقال الكرماني في "البرهان": "ترتيب السور هكذا هو عند الله في اللَّوح المحفوظ على هذا الترتيب، وعليه كان -صلى الله عليه وسلم- يعرض على جبريل كل سنة ما كان يجتمع عنده منه. وعرضه عليه في السٌّنَّة التي توفي فيها مرتين. وكان آخر الآيات نزولًا: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ1, فأمره جبريل أن يضعها بين آيتي الربا والدَّيْن". ومال السيوطي إلى ما ذهب إليه البيهقي قال: "كان القرآن على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- مرتبًا سوره وآياته على هذا الترتيب إلا الأنفال وبراءة لحديث عثمان".[11]
أما ترتيب السور في التلاوة فليس بواجب إنما هو مندوب. وإليك ما قاله الإمام النووي في كتابه التبيان إذ جاء في هذا الموضوع بما نصه: قال العلماء: الاختيار أن يقرأ على ترتيب المصحف فيقرأ الفاتحة ثم البقرة ثم آل عمران ثم ما بعدها على الترتيب سواء أقرأ في الصلاة أم في غيرها حتى قال بعض أصحابنا: إذا قرأ في الركعة الأولى سورة {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} يقرأ في الثانية بعد الفاتحة من قال بعض أصحابنا: ويستحب إذا قرأ سورة أن يقرأ بعدها التي تليها البقرة.[12]
ودليل هذا أن ترتيب المصحف إنما جعل هكذا لحكمة فينبغي أن يحافظ عليها إلا فيما ورد الشرع باستثنائه كصلاة الصبح يوم الجمعة يقرأ في الأولى سورة السجدة وفي الثانية {هَلْ أَتَى عَلَى الْأِنْسَانِ} . وصلاة العيد في الأولى {ق} وفي الثانية {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} . وركعتي الفجر في الأولى {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وفي الثانية {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} . وركعات الوتر في الأولى {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} وفي الثانية {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وفي الثالثة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} والمعوذتين.

الخلاصة
إن ترتيب السور توقيفي كترتيب الآيات. وجملة القول أن الدعوة إلى تغيير ترتيب السور دعوة لا يقرها عقل ولا نقل؛ لأنها قبل كل شيء دعوة إلى بدعة خارقة لإِجماع المسلمين، يحرف بها الكلم عن مواضعه التي وضعه الله فيها، ولأنها محاولة لن يكون من ورائها إلا إفساد النسق وتشويه جماله، ونقض بنيانه المحكم الوثيق، ثم لأنها فتح باب للشهية في حفظ الذكر الذي ضمن الله حفظه، فهي إذًا دعوة لا يستجاب لها، ولا يجوز أن يمكن أحد من تحقيقها.
    
مصادر البحث
السيوطي ، عبد الرحمن بن أبي بكر جلال الدين ، أسرار ترتيب القرآن، (دار الفضيلة للنشر والتوزيع)
القطان ،مناع بن خليل ، مباحث في علوم القرآن، (مكتبة المعارف للنشر والتوزيع: 1421هـ- 2000م)
الزُّرْقاني ،محمد عبد العظيم ، مناهل العرفان في علوم القرآن ،( مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه)
أبو العلا، محمد حسين ، القرآن وأوهام المستشرقين، مطبعة نوبار، (مصر الجديدة : 1991)
الهامشي ،حسن علي حسن مطر ، قراءة نقدية في (تاريخ القرآن) للمستشرق ثيودور نولدكه ، دار الكفيل للطباعة والنشر والتوريع (2014 )
جلكرايست ،جون ، جمع القرآن في موضوع تطور القرآن في عهد محمد، http://answering-islam.org/Arabic/Gilchrist/Jam/index.html
لجنة كلية العلوم والآداب بمحافظة الرس جامعة القصيم،بحوث المؤتمر الاستشراق ما له وما عليه، 2016م
كافي ، أبو بكر ، مواقف المسنشرقين من جمع القرآن الكريم ورسمه وترتيبه
طه ، عابدين طه،   ترتيب سور القرآن
رضا، محمد رشيد ، الوحي المحمدي، دار النشر للجامعات، القاهرة
دواز ، محمد عبد الله ، النقد الفني لمشروع ترتيب القرآن حسب نزوله (2)، نقلا عن مزلة الأزهر (1434ه)، http://www.alukah.net/sharia/0/50862/





[1]هو محامي نصراني بروتستانتي ولد في جنوب أفريقيا ويعيش حالياً في بيوني
[2]جون جلكرايست، جمع القرآن في موضوع تطور القرآن في عهد محمد، http://answering-islam.org/Arabic/Gilchrist/Jam/index.html
[3]  لجنة كلية العلوم والآداب بمحافظة الرس جامعة القصيم،بحوث المؤتمر الاستشراق ما له وما عليه، 2016م  ص 17
[4]  جون جلكرايست، جمع القرآن في موضوع نظرة عامة حول جمع القرآن في المرحلة الأولى ، http://answering-islam.org/Arabic/Gilchrist/Jam/index.html
[5]  أبو بكر كافي، مواقف المسنشرقين من جمع القرآن الكريم ورسمه وترتيبه ، ص 27
[6] طه عابدين طه،  ترتيب سور القرآن ص 24
[7]  حسن علي حسن مطر الهامشي، قراءة نقدية ف (تاريخ القرآن) للمستشرق ثيودور نولدكه ، دار الكفيل للطباعة والنشر والتوريع (2014)،ص 312
[8]  نفس المرجع، قراءة نقدية ف (تاريخ القرآن) للمستشرق ثيودور نولدكه، ص 355
[9]  محمد رشيد رضا، الوحي المحمدي، دار النشر للجامعات، القاهرة ، ص 170

[10]  محمد عبد الله دواز، النقد الفني لمشروع ترتيب القرآن حسب نزوله (2)، نقلا عن مزلة الأزهر (1434ه)، http://www.alukah.net/sharia/0/50862/


[11] مناع بن خليل القطان، ص:145
[12] محمد عبد العظيم الزُّرْقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن ،( مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه) ص:353

Tidak ada komentar:

Posting Komentar