Sabtu, 13 Mei 2017

منهج الزمخشري في تفسيره "الكشاف"

المقدمة
فقد مرّ على الإنسانية حين من الدهر وهي تتخبط في مهمة التفسير من الضلال متسع الأرجاء، وتسير في غمرة الأوهام، ومضطرب فسيح من فوضى الأخلاق وتناوع الأهواء من التعصب والمذاهب الضلالة.
ففي الثلث الأخير من القرن الخامس الهجريين. كانت تلك الفترة من التاريخ فترة الضعف وفتور للخلافة العباسية، بعد رحلة طويلة من الصراعات، فلم يبق من خلافة بني العباس إلا مجرد رموز يسار بها إليها. ونتيجه فهي تيسير على مذاهب الضلالة لأن يشرب ويرسخ في الأفكار المسلمين، واحدى من هذه الفرقة فهي الفرقة المعتزلة. قد أشرب في بعض كتب التفسير بالتفسير الإعتزالي.
فهي الكشاف للزمخشري الذي ظهرت في هذا القرن. لقد تمخض عصر الزمخسري عن أئمة كبار. وهو رجل معتزل الذي كان له وأئمته أثر كبير في إثراء القكر الإسلامي.
ففي هذا البحث العلمي سنبين قليلة عن تفسير الكشاف للزمخشري من تعريفه اتجاحه ومناهجه ومصادره. 

‌أ.              التعريف بالمؤلف
1.          اسمه ونسبه
الزمخشري صاحب الكشاف كما نعرف، اسمه الكاملهو أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد بن عمر الخوارزمي الزمخشري الخوارزمي، الإمام الحنفي المعتزلي،[1]لقب بالخوارومي لأنه ولد في منطقة خوارزم في خراسان، ولقب بالزمخشري لأنه ولد في قرية (زمخشر) في إقليم خوارزم. ولقب بجار الله لأنه جاور في مكة المكرمة عند البيت الحرام سنوات عديدة.[2]
2.          مولده ونشأته
ولد صاحب الكشاففي رجب سنة 467 ه (سبع وستين وأربعمائة من الهجرة)بزمخشر- قرية من قري خوارزم- وقدم بغداد،ولقي الكبار وأخذ عنهم، ودخل خراسان مرارا عديدة. وما دخل بلدا إلا واجتمع عليه أهلها وتتلمذوا له، وما ناظر أحدا إلا وسلم واعترف به. ولقد عظم صيته وطار ذكره حتى صار إمام عصره من غير مدافعته.[3]
من شيوخه محمودين جرير الضبي الاصفهاني (507 ه ) في الأدب وعلم الاعراب وعلم الكلام والتوحيد، وتأثر بمذهبه الاعتزالي، والشيخ أبو علي الضرير، والشيخ السديد الخياطي في الفقه، والحاكم الجشمي (صاحب تفسير : تهذيب التفسير) الزيدي المعتزلي، وركن الدين محمد الاصولي.
في سنة 502 ه رحل إلى مكة المكرمة وأقام فيها مجاوارا بيت الله الحرام ولذلك لقب ب (بجار الله). وعاد الزمخشري إلى وطنه شيخا كهلا. توفي سنة 538 ودفن ب (جرجانية) خوارزم.[4]
3.          مؤلفاته
من أشهر مؤلفاته :
الكشاف (في تفسير القرآن)، ديوان الأدب، ربيع الأبرار ، أساس البلاغة، اعجب العجب في شرح لامية العرب، الانموذج في النحو، النصائح الصغار، الفائق في غريب الحديث، مقامات الزمخشري (تدور على الوعظ والارشاد)، نوابع الكلم في اللغة.
‌ب.       التعريف بالكتاب والدوافع
اسم هذا الكتاب: الكشافعنحقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل[5]. ألف هذا الكتاب وهو مجاور في مكة، بعد أن جاوز الستين من عمره، وأتمه في ستين وبضعة أشهر. [6] فهو كتاب تفسير يكشف عن وجوه الإعجاز القرآني البلاغية، والأسلوبية، واللغوية،احتشدله مؤلفه، ليخرجه في أبهىحلة بيانية. بيد أن العلماء يحذرون قارئيه من الاعتزاليات الاعتقادية المبثوثة في تضاعيفه، وهذا ماحدابابنالمنير أن يتتبع هذه الاعتزاليات، ويفندها على هامش الكشاف.
ذكر الزمخشري في فاتحة كشافه ما دعاه إلى تقييده، فبين أن بعض إخوانه في الديني- في مذهب الاعتزال- اجتمعوا إليه وسألوه أن يملي عليهم الكشف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل، واستشفعوا عليه بكل عظيم، إلى أن رحل إلى مكة، وهو مع كل هذا يستعفي، حتى قابل الأمير، الشريف أبا الحسن بن وهاس، فصادف منه رغبة كرغبة من سأله الإقدام، فلم يملك إلا الإذعان وتلبية أمر الإمام. ولقد أنهى تفسيره –كما يقول- في مقدار مدة خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه- وكان يقدر تمامه في أكثر من ثلاثين سنة.[7]
‌ج.         طريقة تفسيره
قال محمد علي وجدنا في تفسيره ذكر جمع من الآيات، بيان محل نزولها مكية أو مدينة والجتهاد فيها،ذكر أسماء السورة، يبدأ مكيها ومدنيها،بيان معني الآية وتفسيرها،خصص لكل آية فقرة بعنوان اللغة والإعراب، بيان الأحكام النحوية لكلمة مشكلة،بيانسرّ الإعجاز الكلمة والأسلوب بالتراكيب الفصيحة والمعاني البليغة،التجاهل بما جاء من الروايات في أسباب التنزيل إلاّ قليلا منها مستدلا بان العلماء لم يمحصوا اسانيدها ويميزوا بين صحيحها وضعيفها كما فعلوا بروايات الأحكام، ولم يتعرض لذكر العلاقة والناسبة بين الآيات وانصالها يبعض كما فعل المفسرون .[8]
‌د.            منهج تفسيره
1.          منهجه من حيث المصدر
نرى على أن زمخشري كغيره من المعتزلة إذا مر بلفظ يشتبه عليه ظاهره ولا يتفق مع مذهبه، يحاول بكل جهوده أن يبطل هذا المعني الظاهر، وأن يثبت للفظ معني آخر موجودا في اللغة.
جري الزمخشري في كشافه عندما تعرض الآية، وهو تفسير لاغبار عليه، في مبدإ حمل الآيات المتشابهات علي الآيات المحكمات مبدا سليم يقول به غير الزمخشري أيضا من علماء أهل السنة ولكن الذي لا تسلمه للزمخشري هو طبيقه لهذا المبدأ علي الآيات التي تصادمه، فإذا مر بآية تعارض مذهبه، وآية أخري في موضوعها تشهد له بظاهرها، نراه يدعي الاشتباه في الأولي والإحكام في الثانية، ثم يحمل الأولي علي الثانية وبهذا يرضي هواه المذهبي، وعقيدته العتزالية.[9]
         وإن الزمخشري لينتصر لمذهبه الإعتزالي، ويؤيده بكل ما يملك من قوة الحجة وسلطان الدليل، وإنا لنلمس هذا التعصب الظاهر في كثير مما أسلفنا من النصوص، وفي غيرها مما نسوقه لك من الأمثلة. وهو يحرص كل الحرص علي أن يأخذ من الآيات القرآنية ما يشهد لمذهبه، وعلي أن يتأول ما كان منها معارضا له.
         اعتني الزمخشري في تفسيره ببيان وجوه الإعجاز القرآني وإظهار جمال النظم بلاغته  وتميز بذلك حتي كان مرخعا في ذلك، والزمخشري لا يستشهد بالأحاديث إلا قليلا،ويورد أحيانا الأحاديث الموضوع، وملأ في تفسيره بعقائد المعتزله والاستدلال لها وتأويل الآيات وفقها، ويدس ذلك دساّ لا يدركه إلا حاذق حتي قال البلقيني "استخرجت من الكشاف إعتزالا بالمناقيش[10]. فلخوض في اغلب الأمر ينقل الرأي ولا يشير إلي مرجعه المذموم[11]
2.          منهجه من حيث ترتيب آياته
أن الزمخشري يجر في تفسيره من حيث ترتيبه شرع في تفسير القرآن من سورة الحمد إلي آخر القرآن[12]. وفي التفسير الكشاف ذكر جمع من الآيات، بيان محل نزولها مكية أو مدينة والإجتهاد فيها، ذكر أسماء السورة، يبدأ مكيها ومدنيها، لذلك إذا نري من حيث ترتيب الآية في تفسيره هو التفسير التحليلي.
3.          منهجه من حيث وسع بيانه
        يري الزمخشري أن الصناعات والعلوم قد يتباين أربابها فيها تباينا يسيرا، الذي يتباينون فيه تباينا كبيرا هو ما في تلك العلوم والصناعات من محاسن النكت الدقيقة ولطائف المعاني العميقة وغوامض الاسرار الخفية، وأن أغزر العلوم بها يشحذ الذهن ويشحنه بتلك الأمور هو علم التفسير الذي لا تأتى لكل واحد الخوض فيه وإن كان أحدهم قد برع في الفقه أو الأدب أو الكلام أو الوعظ أو القصص والأخبار أو النحو واللغة فإنه لا يستطيع استخلاص تلك المعاني العميقة والإسرار الخفية في الايات إلا بعد أن يبرع في علمين هما علم المعانى والبيان.قال في تفسير قوله تعالى: (وتفصيل كل شيء )[13] ومن هنا نستنبط بأن هذا التفسير من التفسير على بيان الدقيق وليس على بيان التفصيلي.[14]
4.          منهجه من حيث عرض بيانه
        هذا التفسير منالتفسير البياني، بل هو رائد التفاسير البيانية، ولو لا غلو الزمخشري في اعتزالياته وصرف الآيات لأصول مذهبه الاعتزالي لعد تفسبره إماما للتفاسيره. في تفسيره قوله تعالى: (#qä9$s%urIwöqs9tAÌRé&Ïmøn=tãÔ7n=tB(öqs9ur$uZø9tRr&%Z3n=tBzÓÅÓà)©9âöDF{$#¢OèOŸwtÇÑÈbrãsàZãƒ[15]حيث وقف يبين حكمة التعبير بحرف ( ثم ). من هنا نرى أن هذا التفسير من تفسير البياني.[16]
‌ه.         اتجاهات التفسير في الكتاب
الاتجاه هو موقف المفسر ونظره ومذهبه ووجهته التي يوليا من العقائد والدارجة من السنة والشيعة والمعتزلة والأشاعرة، سواء كانت وجهته عند تفسير كتاب الله تعالى من تقليد أو تجديد، وكذلك من اعتماد على المنقول أو المعقول، أو الجمع بينها في إطار معين[17].وقد يسمى هذه الاتجاه بمدرسة التفسير.
1.          الاتجاه اللغوي
        أما الاتجاه للزمخسري في تفسيره فهو الاتجاه اللغوي. فقد أدخل هو القراءات واللغة والنحو والصرف وغيرها من العلوم  العريية.
          قال الذهبي : ((هو الإمام الكبير في التفسير والحديث والنحو واللغة والأدب، وصاحب التصانيف البديعة في شتى العلوم) )[18]
((والذي يقرأ ما أورده الزمخشري عند تفسيره لكثير من الآيات من ضروب الاستعارات  والمجازات والأشكال البلاغية الأخرى، يراه يحرص كل الحرص على أن يبرز في حلة ببديع جمال أسلوبه وكمال نظمه))[19]
        و أيضا يفيض في يبان القراءات ووجوها ، واختلاف معاني الاسلوب القرآني نتيجة لها، ولا ينسى في تفسيره ثقافته النحوية التي كان الزمخشري إماما فيها، فنخده يكثرمن بيان  الإعراب ووجوه النحو ويفيض من هذا الضمار، ويكثر الاستشهاد ببلاغة القرآن الكريم بشعر المحدثين و كلامهم.[20]
          ومثال من تفسيره في سورة البقرة الآية :5
"ﺃﺅﻟﺌﻚ على هدى ﻣﻦ ﺭبهم ﻭأؤلئكهم ﺍﳌﻔﻠﺤﻮﻥ"
ﺃﺅﻟﺌﻚ ﻋﻠﻰ ﻫﺪﻯ "ﺍﳉﻤﻠﺔ ﰲ ﳏﻞ ﺍﻟﺮﻓﻊ إﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺆﻣﻨﻮﻥ ﺑﺎﻟﻐﻴﺐ ﻣﺒﺘﺪﺃ، ﻭﺇﻻ ﻓﻼ ﳏﻞ ﳍﺎ . ﻭﻧﻈﻢ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺟﻬﲔ :ﺃﻧﻚ ﺇﺫﺍ ﻧﻮﻳﺖ ﺍﻻﺑﺘﺪﺍﺀ ﺑﺎﻟﺬﻳﻦ ﻳﺆﻣﻨﻮﻥ ﺑﺎﻟﻐﻴﺐ .ﻓﻘﺪ ﺫﻫﺒﺖ ﺑﻪ ﻣﺬﻫﺐ ﺑﻪ ﺍﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻑ. ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﳌﺎ ﻗﻴﻞ" :ﻫﺪﻯﻟﻠﻤﺘﻘﲔ "ﻭﺍﺧﺘﺺ ﺍﳌﺘﻘﻮﻥ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﳍﻢ ﻫﺪﻯ، ﺍﲡﻪ ﻟﺴﺎﺋﻞ ﺃﻥ ﻳﺴﺄﻝ ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﻣﺎ ﺑﺎﻝ ﺍﳌﺘﻘﲔ ﳐﺼﻮﺻﲔ ﺑﺬﻟﻚ، ﻓﻮﻗﻊ ﻗﻮﻟﻪ": ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺆﻣﻨﻮﻥ ﺑﺎﻟﻐﻴﺐ" ﺇﱃ ﺳﺎﻗﺘﻪ ﻛﺄﻧﻪ ﺟﻮﺍﺏ ﳍﺬﺍ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﳌﻘﺪﺭ. ﻭﺟﻲﺀ ﺑﺼﻔﺔ ﺍﳌﺘﻘﲔ ﺍﳌﻨﻄﻮﻳﺔ ﲢﺘﻬﺎ ﺧﺼﺎﺋﺼﻬﻢ ﺍﻟﱵ ﺍﺳﺘﻮﺟﺒﻮﺍ بها ﻣﻦ الله ﺃﻥ ﻳﻠﻄﻒ بهم، ﻭﻳﻔﻌﻞ بهم ﻣﺎ  ﻻ ﻳﻔﻌﻞ ﲟﻦ ﻟﻴﺴﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺘﻬﻢ، ﺃﻱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻫﺆﻻﺀ ﻋﻘﺎﺋﺪﻫﻢ ﻭﺃﻋﻤﺎﳍﻢ، ﺃﺣﻘﺎﺀ ﺑﺄﻥ ﻳﻬﺪﻳﻬﻢ ﺍﷲ ﻭﻳﻌﻄﻴﻬﻢ ﺍﻟﻔﻼﺡ. ﻭﻧﻈﲑﻩ ﻗﻮﻟﻚ:  ﺃﺣﺐ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻗﺎﺭﻋﻮﺍ ﺩﻭﻧﻪ، ﻭﻛﺸﻔﻮﺍ ﺍﻟﻜﺮﺏ ﻋﻦ ﻭﺟﻬﻪ، ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺃﻫﻞ ﻟﻠﻤﺤﺒﺔ.  ﻭﺇﻥ ﺟﻌﻠﺘﻪ ﺗﺎﺑﻌﺎﹰ ﻟﻠﻤﺘﻘﲔ، ﻭﻗﻊ ﺍﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﻋﻠﻰ ﺃﻭﻟﺌﻚ، ﻛﺄﻧﻪ ﻗﻴﻞ: ﻣﺎ ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﻠﲔ هذه  ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﻗﺪ ﺍﺧﺘﺼﻮﺍ ﺑﺎﳍﺪﻯ، ﻓﺄﺟﻴﺐ ﺑﺄﻥ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﳌﻮﺻﻮﻓﲔ، ﻏﲑ ﻣﺴﺘﺒﻌﺪ ﺃﻥ ﻳﻔﻮﺯﻭﺍ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﳍﺪﻯ ﻋﺎﺟﻼﹰ، ﻭﺑﺎﻟﻔﻼﺡ ﺁﺟﻼﹶ. ﻭﺍﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﳚﻲﺀ ﺗﺎﺭﺓ ﺑﺈﻋﺎﺩﺓ ﺍﺳﻢ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﺆﻧﻒ ﻋﻨﻪ ﺍﳊﺪﻳﺚ، ﻛﻘﻮﻟﻚ: ﻗﺪ ﺃﺣﺴﻨﺖ ﺇﱃ ﺯﻳﺪ، ﺯﻳﺪ ﺣﻘﻴﻖ ﺑﺎﻹﺣﺴﺎﻥ. ﻭﺗﺎﺭﺓ ﺑﺈﻋﺎﺩﺓ ﺻﻔﺘﻪ، ﻛﻘﻮﻟﻚ: ﺃﺣﺴﻨﺖ ﺇﱃ ﺯﻳﺪ ﺻﺪﻳﻘﻚ ﺍﻟﻘﺪﱘ ﺃﻫﻞ ﻟﺬﻟﻚ ﻣﻨﻚ، ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺍﻻﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﺑﺈﻋﺎﺩﺓﺍﻟﺼﻔﺔ ﺃﺣﺴﻦ ﻭﺃﺑﻠﻎ، ﻻﻧﻄﻮﺍﺋﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻴﺎﻥ ﺍﳌﻮﺟﺐ ﻭﺗﻠﺨﻴﺼﻪ. ﻓﺈﻥ ﻗﻠﺖ: ﻫﻞ ﳚﻮﺯ ﺃﻥ ﳚﺮﻱ ﺍﳌﻮﺻﻮﻝ ﺍﻵﻭﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﳌﺘﻘﲔ، ﻭﺃﻥ ﻳﺮﺗﻔﻊ ﺍﻟﺜﺎﱐ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺑﺘﺪﺍﺀ ﻭﺃﻭﻟﺌﻚ ﺧﱪﻩ، ﻗﻠت: ﻧﻌﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﳚﻌﻞ ﺍﺧﺘﺼﺎﺻﻬﻢ ﺑﺎﳍﺪﻯ ﻭﺍﻟﻔﻼﺡ ﺗﻌﺮﻳﻀﺎ ﺑﺄﻫﻞ الكتاب ﺍﻟﺬﻳﻦ ﱂ ﻳﺆﻣﻨﻮﺍ ﺑﻨﺒﻮﺓ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﻫﻢ ﻇﺎﻧﻮﻥ ﺃنهم ﻋﻠﻰ ﺍﳍﺪﻯ ﻭﻃﺎﻣﻌﻮﻥ ﺃنهم ﻳﻨﺎﻟﻮﻥ ﺍﻟﻔﻼﺡ ﻋﻨﺪ ﺍﷲ. ﻭﰲ ﺍﺳﻢ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ "ﺃﺅﻟﺌﻚ " ﺇﻳﺬﺍﻥ ﺑﺄﻥ ﻣﺎ ﻳﺮﺩ ﻋﻘﻴﺒﻪ ﻓﺎﳌﺬﻛﻮﺭﻭﻥ ﻗﺒﻠﻪ. ﺃﻫﻞ ﻻﻛﺘﺴﺎﺑﻪ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﳋﺼﺎﻝ ﺍﻟﱵ ﻋﺪﺩﺕ ﳍﻢ، ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺣﺎﰎ: ﻭالله ﺻﻌﻠﻮﻙ ﰒ ﻋﺪﺩﻟﻪ ﺧﺼﺎﻻﹶ ﻓﺎﺿﻠﺔ،[21] ﰒ ﻋﻘﺐ ﺗﻌﺪﻳﺪﻫﺎ ﺑﻘﻮﻟﻪ : 
        فذلك  إن يهلك فحسبي ثناؤه                   وإن عاش لم يقعد ضعيفا مذمما
2.          الاتجاه البلاغي
و إحدى من قيمة هذا التفسير فإنه من الاتجاه البلغي.
لما أبان فيه من وجوه الإعجاز في غير ما آية من القرآن، ولما أظهر فيه من جمال النظم القرآني وبلغته، وليس كالزمخشري من يستطيع أن يكشف لنا عن جمال القرآن و سحر تلاغته، لما برع فيه من المعركة بكثير من العلوم. لا سيما ما برز فيه من الإمام بلغة العرب. والمعرفة بأشعارهم وما أمتاز به من الإحاطة بعلوم البلاغة، والتيان، والإعراب والأدب، ولقد أضفي هذا النبوغ العلمي والأدبي على تفسير الكشاف ثوبا جميلا، لفت إليه أنظار العلماء وعلق به قلوب المفسرين.
ولما علم الزمخشري أن كتابه قد تحلى بهذه الأوضاف قال متحدثا بنعمة الله:
إن التفاسير في الدنيا بلا عدد           وليس فيها لعمري مثل كشافي
إن كنت تبغي الهدى فألزم قراءته        فالجهلكالداء والكشاف كالشافي[22]
        ومثال من عنايته بالبلاغة في تفسيره من سورة البقرة الآية 2: ((هدى للمتقين)).. فبعد أن ذكر كل الاحتمالات التي تجوز في محل هذه الجملة من الإعراب، نبه على أن الواجب على مفسر كلام الله تعالى أن يلتفت للمعاني و يحافظ عليها، ويجعل الألفاظ تبعا لها، فقال ما نصه : ((..والذي هو أرسخ عرقا في البلاغة أن يضرب عن هذه المحال صفحا.
3.          الاتجاه الفقهي
وله الاتجاه الفقهي. وإن الزمخشري –رحمه الله- يبعرض إلى حد ما، و بدون توسع إلى المسائل الفقهية التي تتعلق ببعض الآيات القرآنية، وهو معتدل لا يتعصب لمذهب الحنفي.[23]
ففي سورة البقرة عند قوله تعالى في الآية 222 :
((štRqè=t«ó¡ourÇ`tãÇÙŠÅsyJø9$#(ö@è%uqèd]Œr&(#qä9ÍtIôã$$sùuä!$|¡ÏiY9$#ÎûÇÙŠÅsyJø9$#(Ÿwur£`èdqç/tø)s?4Ó®LymtbößgôÜtƒ(#sŒÎ*sùtbö£gsÜs? Æèdqè?ù'sùô`ÏBß]øymãNä.ttBr&ª!$#4¨bÎ)©!$#=ÏtätûüÎ/º§q­G9$#=Ïtäuršúï̍ÎdgsÜtFßJø9$#ÇËËËÈ)) .. يقول : (( .. وبين الفقهاء خلاف في الاعتزال، فأبو حنيفة وأبة يوسف يوجبان اعتزال ما اشتمل عليه الإزاري. ومحمد بن الحسن لا يوجب إلا اعتزال الفرج، وروى محمد حديث عائشة رضي الله عنها: أن عبد الله بن عمر يألها : هل بياسر الرجل امرأته وهي حائض؟ فقالت : تشد إزارها على سفلتها ، ثم ليباسرها إن شاء، وما روي زيد بن أسلم أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ قال : ((لتضد عليها إزارها ثم شأنك بإعلاها))[24]
‌و.           محاسنه
1.   اعتنى في تفسيره ببيان وجوه الإعجاز القرآني وإظهار جمال النظم وبلاغته حتى كان مرجعا في ذلك
2.   خلا هذا التفسير من الحشو والتطويل، وإيراد الاسرائيليات إلا القليل[25]
3.   اعتماد في بيان المعاني على لغة العرب وأساليبهم في الخطاب
4.   اتباعه طريقة السؤال: (إن قلتَ – بفتح التاء) ويقول في الجواب: (قلتُ: بضم التاء) وهي طريقة من طرق التشويق، في التعليم وترسيخ المعاني في النفس[26]
‌ز.            مآخذه
1.   تفسيره محشو بالبدعة وعلى طريقة المعتزلة[27]
2.   شديد على أهل السنة والجماعة ويذكرهم بعبارات الاحتقار ويرميهم بالأوصاف المقذعة ويمزج حديثه عنهم بالسخرية والاستهزاء[28]
3.   ملأ تفسيره بعقائد المعتزلة والاستدلال لها وتأويل الآيات وفقها ويدس ذلك دسا لا يدركه إلا حاذق[29]
4.   قليل الاستشهاد بالأحاديث ويورد أحيانا الأحديث الموضوعة، خاصة في فضائل السور[30]
الاختتام
إن تفسير الكشاف هو الممثل الرسمي الواضح لتفاسر فرقة المعتزلة، وهو خير مرجع لمن يريد أن يتعرف على فكر المعتزلة، وعلى فهمهم للآيات، وعلى تأويلهم وصرفها عن ظاهرها، والانحراف بها لتشهد لأفهامهم الخاطئة.
الكشاف في الحقيقة تفسير جليل رائد، لا يعيته إلا اعتزاليات الزمخشري وانتصاره لمذهب المعتزلة، حيث كان يحرف الآيات ويؤولها لتشهد لمذهبه الاعتزالي في مسائل العقيدة ومباحث علم الكلام، ويصرفها عن معناها الحقيقي، ويرد استدلال أهل السنة. 
مصادر البحث
ايازي، السيد محمد علي ، المفسرون حياتهم ومنهجهم (وزارة الثقافة والارشاد الإسلامي، طهران)
الذهبى، محمدحسين ،التفسيروالمفسرون - الجزء 1، (مكتبهوهبه، القاهرة)
آل جعفر،مساعد مسلم ، مناهج المفسرين، دار المعرفة، ط. 1، 1980
شحاتة، عبد الله ، علوم التفسير (دار الشروق، القاهرة)
الرومي، فهد بن عبد الرحمن بن سليمان ، بحوث في أصول التفسير ومناهجه (مكتبهالتوبة:الرياض)
المغراوي، المفسرون بين التأويل والإثبات، (دار القرآن، لبنان) 2000
الزمخشري، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل (مكتبة العبيكان، الرياض) الجزء الأول، 1418
الخالدي، الصلاح عبد الفتاح ، تعريف الدراسين بمناهج المفسرين ( دار القلم، دمشق)








[1]محمدحسين الذهبى ،التفسيروالمفسرون - الجزء 1،مكتبهوهبه (القاهرة : 2000) ص.304
[2]صلاح عبد الفتاح الخالدي، تعريف الدارسين بمناهج المفسرين، دار القلم، (دمشق: 2008) ص 532
[3]الذهبى، نفس المرجع،  ص.304 ج 1
[4]السيد محمد علي ايازي، المفسرون حياتهم ومنهجهم ،وزارة الثقافة والارشاد الإسلامي،  ( طهران: 1373) ص.574
[5]عبد الله شحاتة، علوم التفسير ، دار الشروق ،القاهرة،  ص.184
[6]الخالدي، نفس المرجع، ص 538
[7]أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري بتحقيق أحمد عبد الموجود، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل، مكتبة العبيكان، (الرياض: 1998) ص 19 ج 1
[8]ايازي ،المفسرون حياتهم ومنهجهم، ص 568
[9]الذهبي، التفسير والمفسرون، ص 321 ج 1
[10]فهدبن عبد الرحمن بن سليمان الرّومي، أصول التفسير ومناهجه، (مؤسس الرسالة، الرياض)، ص 152
[11]ايازي، المفسون حياتهم ومنهجهم، ص 577
[12]ايازي، نفس المرجع، ص
[13]يوسف: 1/111                    
[14]مساعد مسلم آل جعفر، مناهج المفسرين، دار المعرفة، ط. 1، 1980 ص.214                         
[15]الأنعام: 8                                    
[16]الخالدي، تعريف الدراسين بمناهج المفسرين ( دار القلم، دمشق) ص. 545. 
[17]انظر :ابن جرير الطبري ومنهجه في التفسير 29، وأيضا الحاكم لجشمي و منهجه في التفسير لعدنان زرزور 353                                  
[18]الذهبي ، التفسير والمفسرون، ص.304 ج 1
[19]الذهبي، التفسير والمفسرون، ص.442 ج 1
[20]إيازي، المفسرون حياتهم ومنهجهم، ص.578
[21]الزمخشري، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل (مكتبة العبيكان، الرياض ، الجزء الأول، 1418 ه،  ص.22
[22]كشف الظنون : 2  /173 
[23]الذهبي، التفسير والمفسرون : 1 / 272
[24]الكشاف : 1 / 264
[25]فهد بن عبد الرحمن بن سليمان الرومي، بحوث في أصول التفسير ومناهجه (مكتبهالتوبة:الرياض) ص.153
[26]الزمخشري، الكشاف  ص.25
[27]المغراوي، المفسرون بين التأويل والإثبات، دار القرآن(لبنان:2000) ص.722
[28]الذهبي، التفسير والمفسرون، الجزء 1 ص.465
[29]السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، الجزء 1 ص.190
[30]المرجع السابق، الرومي ص.153

Tidak ada komentar:

Posting Komentar