Sabtu, 11 Maret 2017

تحريم الخمر والميسر والأنصاب ولأزلام

المقدمة
إن الحق سبحانه وتعالي قد خلق الإنسان وجعله خليفة في الأرض و سخر له كل شيئ في الوخود وطلب منه أن يعبده وحده وأن يعمر هذه الأرض. وأراد الحق أن يضمن للإنسان سلامة أشياء متعددة, سرمة نفسية فلا يعتدي عليها بالقتل أو غير ذلك, ويلامة عقله فلا يجني عليه بما يستر آلية الاختيار بين البدائل, وسلامة عرضه فلا بلغ فيه أحد وحتي تأتي الأنسال التي تعمر الكون وهي أنسال طاهرة, وسلامة ماله حتي يحفظ علي الإنسان أثر حركته في الحياة وحتي لا يأخذ غيره أثر حركته, وذلك حتي لا يزهد العامل ولا يعود الطاقات أن يأخذ تأخذ من غير عملها فتكسل ونتواكل, فالإنسان إذا ما اعتاد أن يأخذ كن غيره عمل صار العمل صعبا عليه, وهكذا كانت صيانة المال لا تبدد طاقة ولا تهدر حقا, ولا تعطي غيري حق حقا لغيره, وهكذا  حتي لا يشيع العجز الاصطناعي في الكون. ولهذا حرم الله الخمر والميسر والأنصاب ولأزلام التي هي مفسدة لهذه السلامة, قال الله تعالي: يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡخَمۡرُ وَٱلۡمَيۡسِرُ وَٱلۡأَنصَابُ وَٱلۡأَزۡلَٰمُ رِجۡسٞ مِّنۡ عَمَلِ ٱلشَّيۡطَٰنِ فَٱجۡتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ٩٠ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَن يُوقِعَ بَيۡنَكُمُ ٱلۡعَدَٰوَةَ وَٱلۡبَغۡضَآءَ فِي ٱلۡخَمۡرِ وَٱلۡمَيۡسِرِ وَيَصُدَّكُمۡ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَعَنِ ٱلصَّلَوٰةِۖ فَهَلۡ أَنتُم مُّنتَهُونَ ٩١    
البحث
‌أ.              المفردات اللغوية
الخمر : كل شراب مسكر يخامر العقل
الميسر : القمار
الأنصاب : الأصنام وهو حجارة حول الكعبة يذبحون قرابينهم عندها
الأزلام : قداح الاستقسام : وهو قطع رقيقة من الخشب بهيئة السهام، كانوا يستقسمون بها في الجاهلية، تفاؤلا أو تشاؤما
رجس: خبيث مستقذر حسا أو معنى، إما من جهة الطبع أو من جهة العقل، أو من جهة الشرع كالخمر والميسر، أو من كل تلك العبارات كالميتة، لأن النفس تعافها طبعا وعقلا، ويعافها شرعا
من عمل الشيطان : أي من تزيينه
فاجتنبوه : أي تجنبوا فعل الرجس
العداوة : تجاوز الحق إلى الأذى
يصدكم : يمنعكم بالاشتغال بهما
‌ب.       سبب نزول الأية
روى أحمد عن أبي هريرة قال : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وهم يشربون الخمر، ويأكلون الميسر، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما، فأنزل الله : (يسألونك عن الخمر والميسر)، فقال الناس: ما حرم علينا، إنما قال : إثم كبير، وكانوا يشربون الخمر، حتى كان اليوم من الأيام، أمّ رجل من المهاجرين أصحابه في المغرب، فخلط في قراءته، فأنزل الله ( يأيها الذين ءامنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون) النساء: 43، وروى ابن جرير وابن مردويه عن سعد أنه قال: صنع رجل من الأنصار طعاما، فدعانا، فشربنا الخمر حتى انتشينا، فتفاخرت الأنصار وقريش، فقالت الأنصار: نحن أفضل منكم، فأخذ رجل من الأنصار لحي جمل (فك جزور) فضرب به أنف سعد، ففزره، فكان سعد أفزر الأنف، فنزلت هذه الأية: (ياأيها الذين ءامنوا إنما الخمر والميسر)[1]
‌ج.         مناسبة الأية
أنه تعالى قال فيما تقدم (لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم) إلى قوله (وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا) ثم لما كان من جملة الأمور المستطابة الخمر والميسر لا جرم أنه تعالى بين أنهما غير داخلين في المحلات، بل في المحرمات[2]
‌د.            تفسير الأية
يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡخَمۡرُ وَٱلۡمَيۡسِرُ وَٱلۡأَنصَابُ وَٱلۡأَزۡلَٰمُ رِجۡسٞ مِّنۡ عَمَلِ ٱلشَّيۡطَٰنِ فَٱجۡتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ٩٠
تحريم الخمر بالتدريج، أن شرب الخمر قبل هذه الآية كان مباحا و أن الله لا يأتي بتحريم الخمر دفعة واحدة بل حرمه بالتدريج وذلك أن العرب في الجاهلية متعلقون بها أشد التعلق ، حتى أنهم لو حرمت الخمر دفعة واحدة، لشق لهم، ومن ثم جاء الله تحريمها أول مرة في سورة البقرة على صيغة النهي غير جازم (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثنم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما)، فيتركها الناس من لم تتمكن فتنتها من نفسه، حتى نزلت الأية تحريمها في أوقات الصلاة في سورة النساء (يأيها الذين آمنوا لاتقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون)، فتجنب المسلمون شربها في الأوقات التي يظن بقاء السكر منها إلى وقت الصلاة، ثم تركهم الله على هذه الحال زمنا قوي فيه الدين وكثرت الوقائع التي ظهر لهم بها إثمها وضررها، فحرمها تحريما باتا لا هوادة فيه بقوله (يأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون)
والمشهور أن تحريم الخمر لأول مرة حدث في سنة ثلاث بعد الهجرة بعد واقعة أحد[3]، فلا جرم كان هذا التحريم بمحل العناية من الشارع متقدما للأمة في إيضاح أسبابه رفقا بهم واستئناسا لأنفسهم، فابتدأهم بآية سورة البقرة، ولم يسفههم فيما كانوا يتعاطفون من ذلك، بل أنبأهم بعذرهم، ثم يآية سورة النساء، ثم كرّ عليها بالتحريم بآية سورة المائدة فحصر أمرهما في أنهما رجس من عمل الشيطان ورجا لهم الفلاح في اجتنابهما[4].
تحريم الميسر، وكل شيء من القمار من الميسر. لما فيه انتفاع الأموال في أمور غير نافعة، وترك الجد في الكسب. فالله يريد أن يضمن للناس ألا ينتفع أحد بشيء إلا نتيجة كده وعمله، والحق يريد أن يكون جد كل إنسان من نتائج عرقه في عمل مشروع.[5] والمثال من الميسر ، الشطرنج والنرد.
تحريم الأنصاب، أي الأصنام وهو حجارة حول الكعبة ي>بحون قرابينهم عندها.
تحريم الأزلام، أي قداح الاستقسام : وهو قطع رقيقة من الخشب بهيئة السهام، كانوا يستقسمون بها في الجاهلية، تفاؤلا أو تشاؤما
صفة هذه الأصسام الأربعة، قال الرازي : اعلم أنه تعالى وصف هذه الأقسام الأربعة بوصفين: الأول : قوله (رجس) والرجس في اللغة كل ما استقذر من عمل. والثاني : قوله (من عمل الشيطان) وهذا أيضا مكمل لكونه رجسا لأن الشيطان نجس خبيث لأنه كافر والكافر نجس. وهذه الإضافة مبالغة في كمال قبحه.[6] 
الأمر باجتنابها والفلاح لمن يجتنبونها، قال الشعراوي : الاجتناب هو أن يعطي الإنسان الشيء المجتنب جانبه، أي النتع للذرائع والأسباب والسد لها. والاعتبار بالاجتناب أقوى من الاعتبار بالتحريم لأن الاجتناب امر بعدم الوجود في مكانها.[7] واجتناب المذكورات هو اجتناب التلبس بها فيما تقصد له من المفاسد بحسب اختلاف أحوالها، فاجتناب الخمر اجتناب سريها، والميسر اجتناب التقامر به، والأنصاب اجتناب الذبح عليها، والأزلام اجتناب الاستقسام بها واستشارها.[8] وبهذا الاجتناب رجاء للفلاح والفوز بما فرض عليه من تزكية النفوس وسلامة الأبدان والتواد بين الناس.
إِنَّمَا يُرِيدُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَن يُوقِعَ بَيۡنَكُمُ ٱلۡعَدَٰوَةَ وَٱلۡبَغۡضَآءَ فِي ٱلۡخَمۡرِ وَٱلۡمَيۡسِرِ وَيَصُدَّكُمۡ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَعَنِ ٱلصَّلَوٰةِۖ فَهَلۡ أَنتُم مُّنتَهُونَ ٩١
مضرة الخمر والميسر، فمضرة الخمر والميسر إما أن يكون دنيوية وإما ان يكون دينية:
فالمضرة الدنيوية، إما شخصية وإما اجتماعية. أما الشخصية مضرة صحية، وذلك دفعا لعقل الإنسان وحمايتها، إذ أن الله قد ميز الإنسان عن سائر المخلوقات بالعقل التي هي مناط التكليف، وقد حرمها الله لكونها مستر للعقل، وكل ما يستر العقل خمر حتى ولو كان أصله حلالا. و الخمر إذا أذهبت العقل، هانت كرامة الإنسان على غيره، وفقد القدرة على إدراك الخير والبعد عن الشر، هذا فضلا عن أضرار الخمر الصحية في كل أعضاء جهاز الهضم والعصاب، بل قد يمتد الضرر إلى الأولاد، فينشأ الواحد منهم معتوها ضعيف المدارك، وكثيرا ما أدت الخمر إلى الطلاق وتدمير الأسرة. والميسر الذي يؤدي إلى الربح بلا عمل ولا تجارة، وخسارة الطرف الآخر يؤجج في النفس نار العداوة والبغضاء.[9]
أما مضرتها الاجتماعية، قال المراغي : أما كون الخمر سببا لوقوع العداوة والبغضاء بين الناس حتى الأصدقاء منهم فلأن شارب الخمر يسكر فيفقد العقل الذي يمنع نم الأقوال والأعمال القبيحة التي تسوء الناس كما يستولي عليه حب الفخر الكاذب، ويسرع إليه الغضب بالباطل، وكثيرا ما يجتمع الشارب على مائدة الشرب فيثير السكر كثيرا من ألوان البغضاء بينهم، وقد ينشأ القتل والضرب والسلب والفسق والفجور وإفشاء الأشرار وهتك الأستار وخيانة الحكومات والأوطان.
وأما الميسر فهو مثار العداوة والبغضاء بين المتقامرين، فإن تعداهم فإلى شامتين والعائبين ومن تضيع عليهم حقوقهم من الدائنين وغير الدائنين، وكثيرا ما يفرط المقامر في حقوق الوالدين والزوج والأولاد حتى يوشق عن يمقته كل أحد.[10] فظهر من هذا الوجه أن الخمر والميسر سببان عظيمان في إثارة  العداوة والبغضاء بين الناس، ولا شك ان شدة العداوة والبغضاء تقضي إلى أحوال مذمومة من الهرج والمرج والفتن، وكل ذلك مضاف لمصالح العالم.
فالمضرة الدينية، ان شرب الخمر يمنع ذكر الله، لأن شرب الخمر يورث الطرب واللذة الجسمانية، والنفس إذا استغرقت في اللذات الجسمانية غفلت عن ذكر الله تعالى، وإما الميسر مانع عن ذكر الله وعن الصلاة، لنه إن كان غالبا صارا استغرقه في لذة الغلبة مانعا من اي يخطر بباله شيء سواه، ولا شك أن هذه الحالة مما تصد عن ذكر الله وعن الصلاة[11].



الخلاصة
أن تحريم الخمر والميسر بوجوه من التاكيد :
1.        أنه سماهما رجسا،والرجس كلمة تدل على منتهى ما يكون من القبح الخبث، ومن ثم قال صلى الله عليه وسلم ( الخمر أم الخبائث)
2.        أنه قرنها بالأنصاب والأزلام التي هي من أعمال الوثنية وخرافات الشرك،
3.        أنه جعلهما ن أعمال الشيطان، لما ينشأ عنهما من الشرور والطغيان وسخط الرحمن
4.        أنه جعل اجتنابهما سبيلا للفلاح والفوز بالنجاة
5.        أنه جعلهما مثارا للعداوة والبغضاء، وهما من أقبح المفاسد الدنيوية التي تولد كثيرا من المعاشي في الأموال والأعراض والأنفس
6.        أنهما جعل صادين عن ذكر الله وعن الصلاة وهما روح الدين وعماده وزاده وعتاده
للخمر مضار كثيرة : شخصية صحية، واجتماعية بزرع العداوة والبغضاء ودينية بالصد عن ذكر الله وعن الصلاة، ومالية بتبديد الأموال في الضار غير النافع. وكذا للقمار أضرار نفسية عصبية بإحداث توتر في الأعصاب وقلق واضطراب، واجتماعية ودينية ومالية كالخمر تماما.
مصادر البحث
الزهيلي ،وهبة ، التفسير المنير (بيروت : دار الفكر، 2014)
الرازي، محمد ، التفسير الفخر الرازي، ( بيروت: دار الفكر، 1982)
ابن عاشور ، محمد طاهر ، تفسير التحرير والتنوير، (تونس: الدار التونيسية للنشر، 1984)
الشعراوي ، محمد متولى ، تفسيرالشعراوي
المراغي، أحمد مصطفى ، تفسير المراغي، ( مصر: طبعة مصطفى البابي الحلبي، 1946)




 وهبة الزهيلي، التفسير المنير (بيروت : دار الفكر، 2014) ج 3 ص 36[1]
 محمد الرازي، التفسير الفخر الرازي، ( بيروت: دار الفكر، 1982) ج 12 ص84[2]
[3]  محمد طاهر ابن عاشور، تفسير التحرير والتنوير، (تونس: الدار التونيسية للنشر، 1984) ص 22 ج 7
[4]  تفسير التحرير والتنوير، المرجع السابق،  ص 22 ج 7
[5] محمد متولى الشعراوي، تفسيرالشعراوي،  ص 141 ج 6
[6]  التفسير الفخر الرازي، المرجع السابق، ص 85 ج 12
[7]  تفسير الشعراوي، المرجع السابق،  ص 144 ج 6
[8]  تفسير التحرير والتنوير، المرجع السابق ص 25
[9]  التفسير المنيرـ المرجع السابق،  ص 41
[10]  أحمد مصطفى المراغي، تفسير المراغي، ( مصر: طبعة مصطفى البابي الحلبي، 1946) ج  ص 14
[11]  التفسير الفخر الرازي، المرجع السابق، ص 86

Tidak ada komentar:

Posting Komentar